الخصية المعلقة
عند الأطفال وحديثي الولادة

يتم عادةً اكتشاف الخصية المعلقة عند الأطفال بعد الولادة مباشرة حيث يُعد الفحص السريري في هذه المرحلة أمرًا بالغ الأهمية ولذلك تُوصى الأمهات بضرورة عرض الطفل على طبيب متخصص في جراحة الأطفال وحديثي الولادة فور الولادة وذلك لأن التشخيص المبكر يُساعد على كشف أي عيوب خلقية في مرحلة مبكرة مما يُتيح التعامل معها بسرعة قبل أن تتطور أو تسبب مضاعفات يصعب علاجها لاحقًا.

عند تشخيص حالة الخصية المعلقة لدى الطفل حديث الولادة يبدأ الطبيب أولًا بطمأنة الأم وشرح الحالة بشكل مبسط موضحًا طبيعة الخصية المعلقة ونوعها وما إذا كانت محسوسة أم غير محسوسة ثم يُوصى بمتابعة الحالة خلال الأشهر الستة الأولى حيث يُطلب من الأهل إعادة عرض الطفل على الطبيب في نهاية هذه الفترة وذلك لأن بعض الحالات قد تشهد نزول الخصية تلقائيًا نتيجة استكمال النمو الطبيعي أما إذا استمرت الخصية في وضعها غير الطبيعي بعد مرور الستة أشهر فغالبًا ما يتم اتخاذ قرار التدخل الجراحي المناسب حسب حالة كل طفل.

لا يُنصح بإجراء عملية الخصية المعلقة قبل إتمام الطفل 6 أشهر لأن هذه الفترة تمثل الفرصة الطبيعية لنزول الخصية دون تدخل جراحي لكن في حال عدم نزولها بعد هذه المدة فإن تأجيل العملية يُعد أمرًا غير آمن لأن الخصية لن تنزل تلقائيًا لاحقًا ويُصبح التدخل الجراحي ضروريًا لحمايتها من الضمور أو التأثير السلبي على الخصوبة مستقبلًا.

لذلك فإن أفضل توقيت لإجراء العملية يكون بعد الشهر السادس مباشرة بمجرد التأكد من عدم نزول الخصية مما يحقق أفضل نتائج علاجية بأقل تدخل ممكن.

عند بلوغ الطفل عمر 6 أشهر يُعيد الطبيب المتابعة مرة أخرى ويُجري فحصًا دقيقًا لتحديد ما إذا كانت الخصية قد نزلت إلى مكانها الطبيعي في كيس الصفن أم لا كما يُحدد الطبيب ما إذا كانت الخصية محسوسة أم لا وهو ما يُساعد على وضع خطة العلاج المناسبة.

في حال كانت الخصية محسوسة يبدأ الطبيب في تجهيز الطفل لإجراء جراحي بسيط يُعرف باسم عملية تسليك وتنزيل وتثبيت الخصية في كيس الصفن حيث يُجري الطبيب فتحة صغيرة جدًا في المنطقة الإربية أعلى الفخذ ثم يقوم بتحرير الخصية بلطف من الأنسجة المحيطة بها ويُنزلها إلى كيس الصفن الذي يُعد موقعها الطبيعي.

بعد ذلك يتم إنشاء حجرة صغيرة داخل كيس الصفن لتثبيت الخصية فيها بدقة بهدف حمايتها من الحركة غير الطبيعية وضمان استقرارها في الموضع الصحيح مما يُقلل من خطر المضاعفات ويُساعد على الحفاظ على وظيفتها مستقبلاً.

لا يمكن الجزم بذلك على الإطلاق حيث إن عدم تحسس الخصية أثناء الفحص لا يعني بالضرورة أنها موجودة داخل البطن إذ توجد حالات تكون فيها الخصية غير موجودة من الأساس نتيجة عدم تكونها خلال مراحل نمو الجنين وهو ما يستدعي تقييمًا دقيقًا باستخدام وسائل تشخيصية مناسبة لتحديد ما إذا كانت الخصية موجودة بالفعل أم غائبة تمامًا.

لا يُعتمد على الأشعات مثل السونار أو الرنين المغناطيسي في تشخيص الخصية المعلقة غير المحسوسة لأن هذه الفحوصات لا تُظهر الخصية بدقة إذا لم تكن في مكانها الطبيعي وغالبًا ما تعطي نتائج غير واضحة أو مضللة مما يجعل الاعتماد عليها غير مفيد في اتخاذ القرار العلاجي.

التقييم الحقيقي يتم من خلال الفحص الإكلينيكي الدقيق على يد طبيب جراحة أطفال متخصص وإذا لم تكن الخصية محسوسة بالفحص فإن الخطوة التالية تكون إجراء منظار استكشافي لتحديد موقع الخصية داخل البطن بدقة ووضع خطة العلاج المناسبة.

في حال تبين بعد الفحص السريري أن الخصية غير محسوسة فإن الخطوة التالية تكون إجراء منظار استكشافي وهو إجراء بسيط يتم تحت التخدير العام ويُستخدم فيه جهاز دقيق مزوّد بكاميرا يتم إدخاله من خلال فتحة صغيرة عند السرة لفحص تجويف البطن من الداخل والتأكد من وجود الخصية أو غيابها.

إذا لم يتم العثور على الخصية داخل البطن خلال المنظار فإن ذلك يعني أن الطفل يعاني من غياب خلقي للخصية أي أنها لم تتكوّن منذ البداية وفي هذه الحالة يُوضح الطبيب الأمر للأهل ويؤكد لهم أن الطفل سيعيش بصورة طبيعية بخصية واحدة فقط دون الحاجة إلى أي تدخل جراحي إضافي وأن الخصية السليمة تكفي عادةً لأداء الوظيفة المطلوبة من حيث النمو والتوازن الهرموني والخصوبة مستقبلاً.

إذا أظهر المنظار وجود الخصية داخل تجويف البطن تُجرى العملية على مرحلتين لضمان إنزال الخصية بأمان إلى كيس الصفن

في المرحلة الأولى يُستخدم المنظار لتطويل الأنسجة المحيطة بالخصية حتى تصبح قابلة للإنزال دون شد أو ضغط.

وفي المرحلة الثانية تُجرى عملية تسليك وتنزيل وتثبيت الخصية داخل كيس الصفن باستخدام المنظار عبر فتحة صغيرة أعلى المنطقة الإربية لضمان استقرارها في موقعها الطبيعي.

الخصية النطاطة هي خصية طبيعية تنزل إلى كيس الصفن وتكون في موضعها الصحيح ثم تعود مؤقتًا إلى القناة الإربية خاصة في حالات البرودة أو عندما يكون جسم الطفل غير دافئ وتحدث هذه الحركة بسبب رد فعل عضلي طبيعي في هذه المرحلة العمرية.

ولا تُعد الخصية النطاطة حالة مرضية في معظم الأطفال ولا تستدعي أي تدخل علاجي لأنها تعود تلقائيًا إلى مكانها الطبيعي دون مضاعفات لكن في بعض الحالات النادرة إذا استمرت الخصية خارج كيس الصفن حتى عمر 9 أو 10 سنوات قد يُوصى الطبيب بإجراء عملية تثبيت لضمان استقرارها.

الخصية القصيرة هي خصية تكون موجودة في نهاية القناة الإربية ويمكن للطبيب سحبها نحو كيس الصفن لكنها تعود مباشرة إلى مكانها الأصلي بمجرد التوقف عن الشد ولا تستقر في كيس الصفن بشكل دائم.

تُعامل هذه الحالة مثل الخصية المعلقة لأنها لا تبقى في موقعها الطبيعي وقد تُؤثر على نمو الخصية ووظيفتها مستقبلاً لذلك غالبًا ما تحتاج إلى تدخل جراحي لتسليكها وتثبيتها في كيس الصفن لضمان استقرارها ومنع المضاعفات